السبت 27 ابريل 2024م - 18 شوال 1445 هـ

الخيل النجدية وسلالاتها عند العرب

24 مارس,2024

تميزت الخيل العربية بمواصفات فريدة جعلتها من بين أفضل سلالات الخيل في العالم. يعتبر الكثيرون، من العارفين والرحالة، أن الخيل النجدية تمثل قمة التميز في عالم الخيل، وهذا الاعتقاد يدفع العديد من أصحاب المرابط في الوطن العربي وخارجه إلى السعي لاقتناء هذه السلالة النادرة. تم نقل مجموعات من الخيل النجدية إلى دول العالم، مع الحفاظ على نسبها الأصيلة، ويفتخر ملاكها بأصولها النجدية.

في رسالته المخطوطة حول أصل الخيل العربية، أشار الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ مبارك – رحمه الله – إلى أن أصل الجياد يعود إلى نجد فقط. وفي رحلته لبلاد العرب، أكد الرحالة البولندي فاتسواف سيفيرين جفوسكي أن الخيل النجدية تمثل سلالة نقية غير مهجنة منذ فترات طويلة جدًا، وأنها تستحق بجدارة أن تحمل اسم “كحيلان”. وفي تجربتها الخاصة، أشارت الليدي آن بلنت إلى أن العنزيين يعرفون الخيل التي جلبوها من نجد باعتبارها نجدية الأصل. وأكد الرحالة والمستشرق تشارلز داوتي أن أهل الجزيرة العربية يثقون تمام الثقة بأن الله خلق سلالة الخيل في أراضيهم، مؤكدين أن منشأ الخيل يعود إلى بلاد العرب.

تُعد الخيل النجدية من أجود أنواع الخيل وأعرقها. وهي تمتاز بصغر رأسها (من أهم ميزات الحصان العربي الأصيل، وعليها يتوقف حسنه وأصالته). فرأسه جميل التكوين (أحسنها ما كان على شكل هرم؛ قمته إلى أسفل وقاعدته لأعلي)، ناعم الجلد، قليل لحم الخد، بارز عضلاتها. ورأس الأنثى أصغر قليلاً من رأس الذكر. ويمتاز بجبهة عريضة تُزيّنها غُرَّة (بياض) في وسطها، وعينان واسعتان سوداوان، يسترسل عليهما شعر الناصية فيقيهما من أشعة الشمس المحرقة. وقد أشار رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى أهمية شعر الخيل:”لاَ تَقُصُّوا نَوَاصِي الْخَيْلِ وَلاَ مَعَارِفَهَا وَلاَ أَذْنَابَهَا فَإِنَّ أَذْنَابَهَا مَذَابُّهَا وَمَعَارِفَهَا دِفَاؤُهَا وَنَوَاصِيَهَا مَعْقُودٌ فِيهَا الْخَيْرُ”(سنن أبي داود، برقم: 2180). لذا فالعرب يستقبحون جزّ نواصي خيلهم، وعادة ما يرسلونها إلى الجهة اليمنى من العنق.
وللحصان الأًصيل مخطم (مقدم الأنف والفم) دقيق، وأنفُ مستقيم، ومنخران واسعان مستديران، وفم واسع الشدقين، وأذنان منتصبتان سريعتا الحركة، والأذن في الأنثى أطول قليلاً عنها في الذكر. بينما يتميز جذعه فريدة، فكاهله (ما بين الظهر والعنق) عالٍ، دقيق في أعلاه، وظهره قصير عريض. وأفضل المتن (الظهر) ما كان قوياً قصيراً مستقيماً، منحرفاً قليلاً من الخلف إلى الأمام. وكلّما اتسعت المسافة بين منكبيه، كان ذلك دليلاً على ضخامة الصدر، مما يوفر حيزاً أكبر لرئتيه وكفاءة عملها وبخاصة أثناء العدو السريع.
أمّا البطن فيكون متناسقاً مع الجسم، ويغطي الجسم شعر لين لامع برّاق. وقوائمه ذات عضلات قوية.. أما الساعد فأفضله ما كان قصيراً مستقيماً بارز الأوتار، ويستحب أن تكون الحوافر صغيرة صلبة وقوية، وساقا الحصان الأصيل مستقيمتان دون انحراف، وفيها قصر ومتانة. فضلاً عن هذه السِّمات الجِسْمية للحصان العربي، ثمة ميزات أخرى يتفوق بها على سائر الخيل، منها: اكتمال لياقته، وتحمله، وصبره، وشجاعته، وذكائه، ووفائه، ووداعته، حبه للموسيقى، وطربه، وخصوبته، وعدم شراهته أو نهمه، قدرته العالية على تحمل المشاق/ الظروف الصعبة، ومناعته للأمراض، وسرعة شفائه.

والخيل النجدية مشهورة بسرعتها الفائقة، ومقدرتها على تحمل التعب، والواقع أن الخيل النجدية تنفرد بهذه الخاصة الأخيرة، ومسألة أن يمضي الحصان النجدي 24 ساعة، سيرا على الطريق دون طعام، ودون تبرم أو احتجاج، أمر له مغزاه، كما أن مسألة التوقف عن الطعام وأداء العمل نفسه، في جو الجزيرة العربية المحرق، مدة 48 ساعة، تنفرد بها أيضا هذه السلالة.

ومع كل خطوة تخطوها هذه الخيل النجدية في أرجاء العالم، تحمل معها روحاً من الأصالة والفخر بالتاريخ العريق الذي تمتلكه. إنها ليست مجرد حيوانات، بل سفراء لتراث غني وحضارة قديمة.

التعليقات

اترك تعليقا

تقويم الفعاليات

جاري تحميل التقويم
المزيد ...