السبت 27 يوليو 2024م - 20 محرم 1446 هـ

ضعف الخصوبة عند الأفراس: الأسباب والعوامل المؤثرة

12 مايو,2024

كل ربيع، مع زيادة ساعات النهار، تبدأ الأفراس في استعادة دوراتها الشهرية والدخول في فترة الإنجاب. تظهر حساسية مختلفة لهذه التغيرات بين الأفراس، مما قد يؤدي إلى عدم الراحة، والألم، والسلوك غير المتوقع، مما يجعل التعامل معها تحديًا. بالنسبة لأفراس الحضانة، لن تكون جميع الأفراس على نفس المستوى من الخصوبة، ولكن هناك حلول لتحسين الخصوبة.

من سن الثانية حتى نهاية حياتها، تخضع الأفراس لتغيرات في درجات الحرارة مع بداية فصل الربيع بعد فترة الشتاء، مما يعرف بـ “الشبق” عندما يكون الجهاز التناسلي في حالة استراحة. تؤثر زيادة ساعات النهار على هرمونات الأفراس. يؤدي التعرض لفترة أطول للضوء إلى تقليل إفراز هرمون الميلاتونين – الذي يساعد على النوم – ويزيد من إفراز هرمون في الدماغ، وهو الهرمون الذي يحفز المبيضين. وهذا يعني أنه يمكن أن تبدأ الدورة الإنجابية في هذا الوقت.

شغل هذا الأمر كثيراً من المربين والملاك، بخاصة في الآونة الأخيرة، حيث ظهرت حالات عديدة تعاني من هذا النقص.

مشكلات نقص الخصوبة في الخيل من الناحية العملية تنقسم إلى صنفين رئيسيين: أولهما فشل الفرس في الحمل بعد 2 – 3 مرات من الجماع الطبيعي أو التلقيح الاصطناعي، ويُعرف هذا بـ (ظاهرة التلقيح المتكرر). والثاني فشل الفرس في إظهار الشبق أو الشياع لفترات طويلة ويُعرف بـ (اللاودقية). وتعود أسباب هذين الظاهرتين إلى عدة عوامل؛ منها أخطاء في الإدارة، وشذوذات في الجهاز التناسلي للفرس.

أخطاء الإدارة:

معدلات الخصوبة في الخيل تأثرت كثيراً بتدخلات المربين أو المسؤولين عن الرعاية، حيث بلغت نسبة وفيات الأجنة المبكرة 14% في الأفراس التي يتم تلقيحها تحت رعاية الإنسان، مقابل نسبة 3% لتلك التي تلقح بشكل طبيعي وفقًا للأبحاث المنشورة. يُعزى هذا الارتفاع إلى عدم تزامن موسم التلقيح الطبيعي مع الموسم المفروض من قبل المربين، حيث يحاولون تحقيق ولادة المهر قرب أول يناير قدر الإمكان، وهو التاريخ الرسمي لتسجيل الميلاد لجميع المهور في العديد من جمعيات مربي الخيل، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط حيث يكون في 15 أغسطس، بالمقارنة مع موسم التلقيح الطبيعي في أكتوبر/نوفمبر، وبالتالي لا يمكن أن تكون معدلات الحمل خارج الموسم الطبيعي مرتفعة بالدرجة التي يجب أن تكون عليها خلال هذا الموسم.

الشذوذات في الجهاز التناسلي:

1. الشذوذات المبيضية:

   – التكيسات: تشمل هذه الشذوذات التكيسات والأورام والجسم الأصفر الباقي والخمول المبيضي.

   – يحدث تكيس المبيض عادةً في الأفراس المسنة نتيجة فشل الجريبة الناضجة في الإباضة وتكبيرها إلى ما بعد حجمها الطبيعي، نتيجة لانخفاض إطلاق الهرمون اللوتيني من الغدة النخامية الأمامية. يمكن تشخيص هذه الحالة بوجود شبق مستمر وواضح لدى الفرس المصابة (هياج جنسي)، والذي يُعرف بفرس الغليمة.

   يحاول البعض إزالة التكيس بالضغط اليدوي دون اللجوء للمعالجة بالهرمونات، ولا يُنصح بذلك بسبب الخطر النزفي والمضاعفات المحتملة.

    تعتبر أورام الخلايا المحببة شائعة داخل المبيض الخيلي وتسبب ظاهرة التلقيح المتكرر، وتظهر عادة في الأفراس في العمر بين 5 و 7 سنوات، وترتبط بشكل عام بأحد المبيضين. يمكن تشخيصها أوليًا بواسطة الشبق الممتد بدون إباضة.

    يتم علاج هذه الحالة عن طريق استئصال المبيض المتأثر جراحيًا، ويُمكن للفرس التكاثر باستخدام المبيض الطبيعي الآخر المتبقي، ولكن بنسبة خصوبة تبلغ 50٪ فقط.

   2. الجسم الأصفر الباقي:

     يمثل وجود الجسم الأصفر الباقي سببًا مهمًا في حدوث اللاودقية في الأفراس، ويتم حقنه بنجاح للتخلص منه بواسطة الحقن العضلي.

   3. الخمول المبيضي:

      يُعتبر الخمول المبيضي سببًا آخر لللاودقية في الأفراس التي لم يتم الكشف عن نشاطها المبيضي، ويمكن تشخيصه بواسطة الفحص المستقيمي والتصوير بالموجات فوق الصوتية.

      – قد تكون حالات نقص التنسج المبيضي أو شذوذات الغدد الصماء، مثل الوطاء والغدة النخامية الأمامية، مسؤولة عن بدء الخمول المبيضي.

   يعتمد العلاج على تحديد الأسباب الأساسية، وقد يشمل تحسين نوعية الغذاء ومكافحة الأمراض لتعزيز النشاط المبيضي.

   يمكن أيضًا استخدام حقن هرمون مصل الفرس الحامل لتحفيز النمو الجريبي والإباضة، مع العلم أن هذا العلاج قد يزيد من عدد الجريبات وبالتالي فرصة تخصيب بويضات أكثر.

شذوذات قناة المبيض:

نادرًا ما يُصاب قناة فالوب الخيلي بالتهاب، ولكن إذا كانت الفرس تعاني أو عانت من التهاب الخمج في بطانة الرحم، فمن المرجح أن ينتج عن ذلك التهاب في القناة في معظم الحالات. يُعوِّق التهاب القناة مرور البويضات أو الحيوانات المنوية داخل الأنبوب، مما يؤدي إلى نقص في الخصوبة في شكل ظاهرة التلقيح المتكرر.

من الصعب تحديد العلاج المناسب للتهابات القناة، وذلك لعدم وجود علاج محدد. في بعض الحالات، قد يتم استئصال الجانب المصاب جراحيًا إذا كان الجانب الآخر طبيعيًا بشكل قاطع، عن طريق عملية جراحية في الخاصرة على الجانب المتضرر.

شذوذات الرحم:

تُعتبر الأمراض الرحمية أحد أكثر الأسباب شيوعًا لعدم الخصوبة في الأفراس، وتشمل الشذوذات الرحمية المهمة التالية:

الرجوع المتأخر بعد الولادة:

إذا لم يتم الرجوع الكامل للرحم بعد الولادة الطبيعية في غضون 7-9 أيام، فإن زيادة فرص التهابات أو الخمج يمكن أن تُقلل من فرص الحمل بسبب فشل البطانة الرحمية في العودة إلى حالتها الطبيعية بعد الولادة. قد يؤدي الخمج الرحمي أيضًا إلى استمرار مشكلة الرجوع المتأخر.

أحيانًا، قد تعاني الفرس من عدم التماثل الرحمي، حيث يفشل أحد الأجزاء الرحمية في الرجوع كما ينبغي، مما قد يؤثر على حركة الحيوانات المنوية وبالتالي يؤدي إلى نقص في معدلات الخصوبة. لذلك، يُنصح بإجراء فحص مستمر بواسطة الفحص المستقيمي والمهبلي يوميًا، ابتداءً من اليوم الثالث من الولادة، لتقييم الرجوع الرحمي بشكل صحيح.

التهاب بطانة الرحم:

يُعَد التهاب أو خمج بطانة الرحم أحد أهم الأسباب لنقص الخصوبة في الأفراس، حيث تُعَد الشذوذات في عنق الرحم والمهبل والفرج من بين العوامل التي تُعَدل الجهاز التناسلي للأفراس لمثل هذه الخمجات. يُعتبر بقاء الخمجات الرحمية لفترات طويلة دون اكتشافها مشكلة كبيرة، حيث تُؤدي إلى التحول من نقص الخصوبة المؤقت إلى العقم، وتزيد من خطر نقل تلك الخمجات إلى الفحول لتلقيح الأفراس المصابة، ومن ثم إلى الأفراس الطبيعية الأخرى.

هناك أنواع رئيسية للالتهابات أو الخمجات الرحمية:

الالتهاب الرحمي الحاد:

   يتطور الخمج الحاد بسرعة مذهلة مؤديًا إلى ظهور أعراض فورية مثل دورات شبق قصيرة وتحلل الجسم الأصفر قبل اليوم 14، بالإضافة إلى ظهور صديد أو إفرازات بيضاء أو بنية من فرج الفرس أو على ذيلها.

  يُعَد الالتهاب الرحمي الحاد سببًا رئيسيًا لظاهرة تكرار التلقيح في الأفراس، حيث يوفر بيئة عدائية للحيوانات المنوية والبويضات النامية.

  يُبدأ علاج مثل هذه الحالات بمحاولة إصلاح أية شذوذات في عنق الرحم والمهبل والفرج، والتي يمكن أن تُعَرِّض الجهاز التناسلي العلوي لعدم الحماية الكافية.

   يُمكن علاج الخمج باستخدام مضاد حيوي أو مطهر، مع الانتباه إلى أن الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية قد يُساعد على استقرار الخمجات الفطرية داخل الرحم.

 الالتهاب الرحمي المزمن:

  تُعَتَبِر الالتهابات أو الخمجات الرحمية المزمنة ناتجة عن تطور اعتيادي للخمج الرحمي الحاد، بسبب عدم قدرة الفرس على مكافحة الخمج الأولي.

   يؤثر مثل هذا الخمج في الغالب على المدى البعيد، مما يُمكنه من إحداث تلفًا شديدًا للنسيج الرحمي ويسبب نقصًا دائمًا في الخصوبة أو العقم.

  يُظهر الرحم المصاب بالخمج المزمن انتفاخًا متميزًا، وجدرانًا سميكة ومترهلة، مع تراكم الصديد بداخله.

   إذا تركت الحالة دون علاج، فقد يُتطور الالتهاب المزمن إلى إنتان الدم وعفونته، مما يؤدي إلى التسمم والموت.

الشذوذات الفرجية :

تعرض تهتك المهبل في معظم الحالات لتهتك الفرج، خاصةً عند ولادة البكر بجنين ذو حجم كبير أو في حال عدم نجاح عملية القيصرية التي أجريت للفرس، سواءً أثناء الجماع أو ولادة المهر. ينجم عن هذا التهتك مجموعة من المشاكل المرتبطة بالالتصاق وعدم التئام الفرج بشكل صحيح، مما يؤدي إلى انعدام كفاءة إغلاق الفرج والعقم. وبما أن المثل يقول “الوقاية خير من العلاج”، فمن الضروري شق مقر العملية قبل الجماع وأثناء الولادة، ثم إعادة خياطتها بعد ذلك. كما ينبغي شق الفوهة الفرجية من الأعلى للمساعدة في مرور الجنين ذو الحجم الكبير، ثم يتم خياطتها مباشرة بعد ذلك.

الالتهاب الرحمي المتقيح:

الالتهاب الرحمي المتقيح يُعَد أحد أخطر الخمجات الرحمية، ويُرتبط عادة بحالات احتباس المكونات المشيمية أو الأنسجة الحميلية داخل الرحم أثناء المخاض. يعود نشوؤه غالبًا إلى تحلل الأنسجة المحتبسة بمرافقة خمج يتسلل إلى عنق الرحم، إما عن طريق الهواء الممتص داخليًا بعد الولادة مباشرة، أو عن طريق الأيدي المستخدمة في مساعدة عملية الولادة، مما يُسرِّع من انتشار الخمج بشكل كبير.

شذوذات عنق الرحم:

تنتشر إلى حد ما تلف عنق الرحم نتيجة لعسر الولادة في الأفراس، وغالبًا ما لا تلتئم التمزقات أو الإصابات في أغلب الحالات، مما يُسبِّب الالتصاقات التي قد تغلق مدخل عنق الرحم، أو تُقلِّل من كفاءة عنق الرحم كمانع طبيعي لدخول الميكروبات إلى الجزء العلوي للجهاز التناسلي. للأسف، التكهن بالعافية في هذه الحالة غالبًا ما يكون غير مواتي، ولا يوجد حاليًا علاج فعّال لهذه المشكلة.

شذوذات مهبلية:

يُعَد الاسترواح المهبلي، الذي يتمثل في امتصاص الهواء والبكتيريا المحمولة جوًّا إلى داخل المهبل، سببًا شائعًا لنقص الخصوبة. يعود ذلك إلى عدم كفاءة المانع المهبلي والفرجي في منع دخول الهواء المحمل بالبكتيريا. يُرتبط هذا بالبنية الضعيفة لمنطقة العجان، وخاصةً في الأفراس ذات الصحة الضعيفة أو المتقدمة في العمر وذات الولادات المتعددة. يمكن علاج الاسترواح المهبلي بنجاح من خلال إجراء عملية تُعرَف بـ”كاسليك”، حيث يتم قطع جوانب الجزء العلوي لشفري الفرج وتخيطها معًا لتلتئم وتشكل مانعًا، مما يمنع امتصاص الهواء وأية بكتيريا إلى داخل المهبل.و قد يلجأ مالكو خيل السباق إلى إجراء هذه العملية في أفراسهم لقابليتهم على امتصاص الهواء إلى داخل المهبل أثناء السباق.

قد تنتج الشقاقات المستقيمية المهبلية أو تهتك العجان من جراء قدم المهر المندفع بقوة، والتمزق للمستقيم أثناء المخاض، أو بسبب الشد العنيف لمهر كبير الحجم أثناء مساعدة الفرس المتعسرة.و يجب في مثل هذه الأحوال خياطة التهتك الناتج عقب نزول المهر لمنع دخول البول أو الغائط أو الهواء إلى التجويف البطني مسببا الالتهاب الصفاقي والوفاة.

تتميز الأفراس بقدرتها على إنتاج المهور والمهرات، وبالتالي فإن الخصوبة تلعب دورًا حاسمًا في استمرارية الأسطول الحيواني وتطويره. فهي تشكل الأساس لتربية الخيول الموهوبة التي تتمتع بالقوة والسرعة والمتانة، مما يجعلها قيمة كبيرة في مختلف المجالات.

تتأثر خصوبة الأفراس بعدة عوامل، منها التغذية السليمة والعناية الصحية المناسبة والبيئة المعيشية وحالة الصحة العامة للحيوانات. كما تلعب الوراثة أيضًا دورًا هامًا في تحديد مدى الخصوبة، حيث يتم توريث بعض الصفات الوراثية المرتبطة بالخصوبة من الآباء إلى الأجيال القادمة.

تتطلب تربية الأفراس الناجحة والمستدامة الاهتمام بعوامل الخصوبة والعمل على تحسينها وحمايتها. فالخصوبة تمثل العمود الفقري لصناعة تربية الحيوانات، وتعتبر مفتاحًا لتحقيق النجاح والاستمرارية في هذا المجال. لذا، يجب على الأفراس أن تتمتع بالرعاية الصحية الشاملة والتغذية المتوازنة والبيئة المناسبة لضمان خصوبتها وتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية.

التعليقات

اترك تعليقا

تقويم الفعاليات

جاري تحميل التقويم
المزيد ...