مناعة الحصان ليست فقط درعًا يواجه به الأمراض، بل هي انعكاس مباشر لصحته العامة وجودة حياته، ومع أن الخيول تبدو قوية ومتماسكة من الخارج، إلا أن جهازها المناعي يمكن أن يتأثر بسرعة بعدة عوامل قد لا ننتبه لها في البداية، فالنظام الغذائي، الروتين الرياضي، الحالة النفسية، وحتى البيئة المحيطة، كلها عوامل مرتبطة بشكل وثيق بمناعة الحصان، وقد تجعله عرضة لمشاكل صحية خطيرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل مدروس.
يقول الدكتور سامويل وايت، أستاذ المناعة التطبيقية في جامعة “يورك سانت جون”:
“الخيول، بطبيعتها، حساسة للتغيّرات البيئية والضغط النفسي، ومع مرور الوقت قد يؤدي ذلك إلى تثبيط الجهاز المناعي وجعل الجسم عاجزًا عن مقاومة الفيروسات والبكتيريا والالتهابات.“
ويضيف أن أبرز العوامل التي تهدد صحة الحصان المناعية تشمل:
كل هذه العوامل قد لا تظهر أعراضها فورًا، لكنها تترك أثرًا عميقًا على الجهاز المناعي مع مرور الوقت.
المهور تولد بجهاز مناعي غير مكتمل، على عكس البشر، لا تنتقل الأجسام المضادة من الأم إلى الجنين خلال الحمل بسبب طبيعة المشيمة لدى الخيول، وهذا يجعل المهر عند الولادة في حالة ضعف مناعي شديد، لا يمتلك أي حماية فطرية ضد الفيروسات أو البكتيريا.
الحل الوحيد في هذه المرحلة الحساسة هو الاعتماد الكامل على اللبأ (Colostrum)، وهو أول حليب تفرزه الفرس بعد الولادة، ويكون غنيًا جدًا بالأجسام المضادة، يقول الدكتور آلين بيج من جامعة كنتاكي:
“اللبأ هو الخط الدفاعي الأول للمهر، وبدونه، يكون عرضة لأمراض مهددة للحياة في أيامه الأولى.“
ورغم هذه البداية الضعيفة، إلا أن الأبحاث لم تظهر وجود آثار طويلة الأمد على المناعة، شرط أن يحصل المهر على اللبأ في الوقت المناسب وبالكمية الكافية، مع دعم تغذوي وعناية بيطرية لاحقة.
مع أن التطعيم يُعتبر من أهم أدوات الوقاية، إلا أن الخيول تستجيب للقاحات بشكل مختلف عن الإنسان،
يشرح الدكتور جيريمي فريدريك، طبيب بيطري متخصص، أن الحصان يُنتج خلايا ذاكرة مناعية أقل من البشر، وهذه الخلايا هي المسؤولة عن الاحتفاظ بالمناعة لفترات طويلة بعد اللقاح، نتيجة لذلك، تبدأ فعالية اللقاح بالتراجع بسرعة، مما يفسر الحاجة إلى:
أمثلة على الفيروسات التي تحتاج لتكرار التطعيم:
ولأن الخيول كثيرًا ما تتعرض لبيئات مختلفة وتتفاعل مع حيوانات متعددة، فإن خطر العدوى يرتفع، مما يجعل التطعيم المنتظم أداة وقائية أساسية لا غنى عنها.
الخطوة الأولى هي التواصل المستمر مع الطبيب البيطري، وتطبيق خطة تطعيم مناسبة تعتمد على:
الجمعية الأمريكية لأطباء الخيول (AAEP) توفّر دليلًا واضحًا يُصنّف اللقاحات إلى:
بعض المربين يفضلون فحص “مستويات الأجسام المضادة” في الدم لتحديد مدى الحاجة للتطعيم، لكن هذا الخيار غالبًا مكلف، ويفتقر للمعايير الدقيقة، لذلك يبقى الحل الأفضل هو الالتزام بالجدول الدوري للتطعيمات.
خلاصة القول:
مناعة الحصان ليست فقط مسؤولية جهازه المناعي، بل هي مسؤوليتك أنت كمربي ومهتم بصحته، من نوع العلف وجودته، إلى جدول التمارين المنتظم، إلى الجو النفسي الذي يعيشه يوميًا، كل تفصيلة صغيرة تصنع فرقًا كبيرًا في مناعته وسلامته العامة.
فالحصان السليم هو نتيجة توازن دقيق ومدروس بين الرعاية الجسدية، التغذية المتكاملة، الدعم النفسي، والمتابعة الوقائية المستمرة.
فلا تنتظر ظهور المرض حتى تتحرك، بل امنح حصانك أفضلية وقائية ذكية من الآن، لأن الوقاية، في عالم الخيل، تعني حياة أكثر قوة، راحة، مرونة، واستجابة أفضل للعلاج، وأداءً جسديًا ونفسيًا متكاملاً على المدى الطويل.