العلف المائي للخيول: هل هو بديل ذكي للعشب الطبيعي؟
تخيّل أن تمتلك مساحات خضراء شاسعة، مليئة بالعشب الطازج، تسرح فيها خيولك بحرية وتأكل منها متى شاءت، واقع جميل، لكنه حلم بعيد المنال لكثير من ملاك الخيل، خاصة مع ارتفاع أسعار الأراضي وتناقص المساحات الزراعية.
لكن، لحسن الحظ، هناك بديل ذكي، العلف المزروع مائيًا (Hydroponic Fodder)، والذي يُزرع في صوانٍ بلاستيكية دون الحاجة لتربة، باستخدام الماء فقط داخل دفيئة أو نظام إنارة صناعي، يمكنك زراعة الشعير، القمح، الشوفان، وأحيانًا الذرة، لتحصل على سيقان خضراء يتراوح طولها بين 4 و8 إنش خلال أسبوع واحد فقط، ويمكنك تقديم النبات بالكامل – الأوراق، الجذور، وحتى البذور غير النابتة – كعلف طازج لحصانك.
رغم أن فكرة العلف المائي ليست جديدة، إلا أنها أثارت اهتمامًا متزايدًا مؤخرًا بين ملاك الخيول، خصوصًا في ظل السعي للحصول على علف طازج دون الحاجة لمساحات زراعية واسعة.
الدكتورة “جولييت جيتي”، خبيرة تغذية الخيول، تقول:
“العشب الطازج غني بالفيتامينات مثل E وC وD والبيتا كاروتين، بالإضافة إلى أحماض أوميغا 3 و6 الدهنية، لكن بمجرد أن يتم تجفيف العشب لصنع التبن، تفقد هذه المغذيات، أما العلف المائي فيُعدّ غنيًا ومغذيًا كالعشب الطبيعي تمامًا.”
من جهتها، تضيف الدكتورة “كاثلين كراندل” أن العلف المائي يحتوي على نسبة عالية من الماء، ما يساعد على دعم الهضم وتحسين صحة الأمعاء، لكن هناك وجهات نظر مختلفة أيضًا، فالدكتورة “ديبرا باول” ترى أن العلف المائي لا يعادل العشب الطبيعي، لأن النبات المزروع في التربة يمتص المغذيات من الأرض، في حين أن النبات المائي يقتصر على مخزون البذرة فقط.
وتُشدّد على أهمية تحليل المغذيات لكل نوع من أنواع العلف المائي – سواء كان من الحبوب أو البقوليات أو الأعشاب – لأن كل صنف يوفّر مكونات مختلفة تمامًا.
هذا الخلل قد يسبب مشكلات خطيرة في نمو العظام، خاصة إذا لم يكن الحصان يتناول تبنًا غنيًا بالكالسيوم مثل البرسيم، لذلك، يجب دعم الحصان بمكملات فيتامينات ومعادن متوازنة عند إدخال العلف المائي إلى نظامه الغذائي.
تحذر “جيتي” من أن البراعم المائية، رغم مظهرها الصحي، قد تحتوي على نسب عالية من السكريات والنشويات البسيطة، تمامًا مثل عشب الربيع، لذا، يُنصح بعمل تحليل مخبري للعلف المائي قبل تقديمه للخيول التي تعاني من مقاومة الإنسولين أو اضطرابات الغدة النخامية.
العلف المائي لا يُقارن بالعشب أو التبن بنسبة 1:1، والفرق الأكبر يكمن في محتوى المادة الجافة (Dry Matter).
🔸 التبن يحتوي على 90% مادة جافة
🔸 العشب الطبيعي يحتوي على 20-30%
🔸 العلف المائي يحتوي على 15-20% فقط
يعني إذا كنت تطعم حصانًا وزنه 450 كجم يحتاج إلى 2% من وزنه مادة جافة يوميًا (أي 9 كجم تقريبًا)، فستحتاج إلى 100 كجم من العلف المائي لتحقيق نفس الفائدة، وهو رقم كبير جدًا، لهذا السبب، يتفق خبراء التغذية الثلاثة على أن العلف المائي يجب أن يكون مكملًا وليس بديلاً كليًا عن التبن أو الحبوب.
تستطيع إما شراء العلف المائي من مزرعة متخصصة (إن وجدت في منطقتك)، أو زرعه بنفسك، فعملية الزراعة بسيطة لكنها تتطلب نظامًا دقيقًا من الري، التهوية، والنظافة، وتستهلك وقتًا وجهدًا.
يقول الخبراء إن الكيس الواحد من البذور (وزنه 2 كجم) يمكن أن ينتج من 9 إلى 12 كجم من العلف خلال أسبوع، لكن يجب الانتباه إلى أن 90% من هذا الوزن هو ماء، أي أن القيمة الفعلية للمادة الجافة منخفضة.
قد يكون خيارًا مثاليًا لمن:
لكن، كما تؤكد “باول”، عليك أولاً دراسة النظام جيدًا، والتواصل مع من جرّبوه، وفهم التحديات والمزايا، فما يبدو فكرة مثالية على الورق، قد يحتاج لالتزام عملي وجهد يومي للحفاظ على الجودة والسلامة.
إذا كنت مهتمًا بصحة خيلك من الجذور حتى القمة، فقد يكون العلف المائي خطوة متقدمة، ولكن فقط حين تُنفّذ بمعرفة، توازن، واستشارة مختصين.