صحة مفاصل الخيول على المدى الطويل: كيف نحافظ عليها من الالتهاب ؟
الفُصال العظمي (OA)
أو ما يُعرف بفقدان الغضاريف داخل المفاصل مع تغيّرات في العظام والأنسجة المحيطة، يُعتبر من أكثر المشكلات شيوعًا وتأثيرًا على الخيول، ورغم التقدم الكبير في الأبحاث والعلاجات، إلا أن OA لا يزال غير قابل للعلاج بشكل نهائي، وغالبًا ما يُقلّل من قدرة الخيل على الأداء ويؤثر سلبًا على نوعية حياته.
للأسف، يمكن أن يؤدي إلى تقاعد مبكر، خسائر مالية، وحتى القتل الرحيم في الحالات التي يصبح فيها الألم غير قابل للتحمل.
ولذلك، تبنّى الأطباء والباحثون ما يُعرف اليوم بـ العلاج المتعدد الوسائط، والذي يشمل مضادات الالتهاب التقليدية (مثل فينيل بيوتازون – Bute)، بالإضافة إلى تقنيات حديثة مثل العلاج بالخلايا الجذعية والبلازما الغنية بالصفائح.
لكن السؤال الحقيقي هو:
ماذا لو استطعنا الوقاية بدل العلاج؟
ماذا لو قمنا بحماية مفاصل الخيل منذ البداية من التآكل اليومي؟
الإجابة تأتي من الدكتورة ماندي بيفرز من جامعة ليفربول:
“ربما لا يمكننا منع OA تمامًا مع التقدم في العمر، ولكن التشخيص المبكر والرعاية الوقائية المدروسة يمكن أن يبطئا من تطوره ويخففا الألم والإعاقة.”
كان يُعتقد سابقًا أن OA هو تدهور مؤلم في غضروف المفصل فقط، لكننا نعلم اليوم أنه مرض يصيب المفصل بالكامل، حيث يبدأ غالبًا بسبب إصابة أو التهاب يؤدي إلى تفاعل معقد يُدمّر أنسجة المفصل المختلفة:
السبب قد يكون واحدًا من نوعين:
كأن يولد المهر بتشوّهات في تكوين الأطراف (مثل تقوس الركبة أو تشوّهات المفصل الكاحلي)، مما يسبب تحميلًا غير متوازن على المفاصل ويؤدي إلى التهاب مبكر.
مثل الأحمال الزائدة الناتجة عن التمارين المكثفة قبل أن تتأقلم أنسجة العظام والغضاريف، أو بسبب الوزن الزائد.
الدكتور سكوت أندرسون، المتخصص في طب رياضة الخيول، يشير إلى أن تشخيص العيوب البنيوية مبكرًا وإصلاحها خلال النمو يمكن أن يمنع التهاب المفاصل ويقلل من خطر الإصابة بالفُصال لاحقًا.
أما في الخيول الأكبر سنًا، فمن المهم تكييف مستوى التدريب حسب حالة المفاصل، ومراقبة العلامات المبكرة للالتهاب مثل العرج أو ضعف الأداء.
الوزن الزائد يُعتبر من أهم العوامل التي تضاعف الضغط على المفاصل، حيث تشير الدراسات البشرية إلى أن زيادة 1 كجم تعني تحميل 1.5 كجم إضافي على مفصل الركبة.
وفي الخيول، ورغم قلة الدراسات، إلا أن الآليات البيولوجية متشابهة جدًا.
زيادة الوزن تؤدي أيضًا إلى إفراز مركبات التهابية مثل الأديبوسيتوكينات، والتي تعزز الالتهاب المزمن في الجسم والمفاصل.
يلجأ كثير من مالكي الخيول إلى المكمّلات الغذائية للمفاصل بعد ظهور أعراض التيبّس أو العرج، ولكن الأبحاث الحديثة بدأت تستكشف دور هذه المكمّلات في الوقاية قبل ظهور الأعراض.
الدكتورة جيسيكا ليذروود من جامعة Texas A&M أجرت سلسلة من الدراسات على خيول شابة، اختبرت فيها:
وقد كشفت النتائج عن فوائد واعدة:
🔹 الجلوكوزامين رفع مستوياته في الدم والسائل الزليلي بمرور الوقت، وقلل من المؤشرات الالتهابية مثل PGE2 وC2C.
🔹 CLA لم يقلل من الالتهاب مباشرة، لكنه ساهم في تقليل تآكل الغضروف وزيادة تجديده.
🔹 المعادن الدقيقة لم تُظهر تغييرات ملحوظة، ما يشير إلى ضرورة الحذر عند استخدامها بشكل منفرد دون توازن غذائي.
الوقاية من OA لا تتعلق فقط بالعلاج عند ظهور المشكلة، بل تبدأ من الإدارة الذكية منذ اليوم الأول:
وخلاصة القول :
صحة مفاصل الخيل ليست قرارًا مؤجلًا، بل استثمار يبدأ اليوم لحياة أطول وأداء أفضل.
ففي عالم الخيول، الصحة ليست مجرد غياب المرض، بل توازن دقيق بين الرعاية، المعرفة، والوقاية.
وصحة المفاصل ليست استثناءً بل هي أساس الاستمرارية في الأداء، والراحة في الحركة، وجودة الحياة في كل خطوة يخطوها الحصان.
الفُصال العظمي (OA) ليس حدثًا مفاجئًا، بل نتيجة تراكمات يومية: خطوة خاطئة، حمل زائد، تجاهل علامة بسيطة، أو تدريب مبكر غير مدروس.، ومع ذلك، فإن ما يبدو بسيطًا في البداية يمكن أن يكون الفرق بين حصان يؤدي بكامل طاقته، وآخر يعاني بصمت حتى يتوقف تمامًا.
استمع لإشارات جسده، استشر الخبراء، وكن سبّاقًا في حمايته، فالوقاية ليست رفاهية إنها واجب.