العفن والسموم في تبن الخيل 8 طرق للوقاية
في عالم الخيول، حيث تُعتبر العناية بالتغذية والنظافة أساساً لصحة الحيوان وعافيته، يظهر لنا عدو خفي لا يُستهان به: العفن والسموم في تبن الخيل رغم أن التبن يبدو لنا غالباً مادة طبيعية وآمنة، إلا أن الإهمال في تخزينه أو تعرضه لعوامل الرطوبة قد يحوله إلى بيئة خصبة لنمو أنواع متعددة من الفطريات السامة والعفن القاتل.
تؤثر هذه السموم والعفن بشكل مباشر على صحة الخيول، مما قد يؤدي إلى مشاكل تنفسية خطيرة، واضطرابات هضمية، وحتى حالات تسمم قد تكون مميتة علاوة على ذلك، قد لا تظهر أعراض التسمم بشكل فوري، مما يجعل الأمر أكثر خطورة ويصعب اكتشافه مبكراً.
ينمو العفن على القش عندما تتساقط كميات كبيرة من التبن أو يُترك في الحقل لفترات طويلة بسبب زيادة نسبة الرطوبة. كذلك تؤدي فترات الجفاف الطويلة مع ارتفاع الرطوبة إلى توفير بيئة مناسبة لنمو العفن على التبن. وإذا تعرض التبن للأمطار ولم يتم تجفيفه بشكل كافٍ، قد يحتفظ برطوبة زائدة، مما يمنع عملية التجفيف الطبيعي أثناء التخزين، ويسمح للعفن بالنمو. يبدأ نمو العفن والبكتيريا عادةً عندما تتجاوز نسبة الرطوبة في التبن 14٪ إلى 15٪. وينتج عن نمو العفن ارتفاع في درجة الحرارة، وانبعاث لغاز ثاني أكسيد الكربون، وزيادة في نسبة الرطوبة، مما يؤدي إلى تلف التبن بشكل أكبر. كما يؤدي ذلك إلى فقدان المادة الجافة والعناصر الغذائية، بالإضافة إلى إنتاج كميات كبيرة من الجراثيم والغبار.
لمنع هذه المشكلات، يجب تحسين عملية تجفيف التبن أثناء التخزين من خلال زيادة التهوية، وترك مسافات هوائية بين البالات، وتقليل حجم التكديس، وتغيير اتجاه التكديس بين الطبقات. كما يُفضل ترك مساحة كافية فوق كومة التبن لتسهيل تصاعد الرطوبة وتبخرها.
تتضمن أنواع العفن الشائعة في التبن: الألترناريا، والأسبرجيلوس، والكلادوسبوروم، والفوزاريوم، والمكور، والبنسليوم، والريزوبس. وتنتج هذه الفطريات أبواغًا قد تسبب مشكلات تنفسية خطيرة، خاصة للخيول، وقد تُنتج في بعض الظروف سمومًا فطرية ضارة.
الخيول حساسة جدًا لغبار العفن، وقد تُصاب بمرض يشبه الربو لدى البشر، يعرف بانسداد مجرى الهواء المتكرر (RAO)، والذي يُعرف شعبيًا باسم “الانتفاخ”. ويبدو الحصان المصاب طبيعيًا من حيث درجة الحرارة والشهية، لكنه يعاني من قلة التحمل أثناء التمارين، وسعال، وإفرازات أنفية، وصعوبة في التنفس أثناء التمرين، وقد تظهر الصعوبة أحيانًا حتى أثناء الراحة. كما يتسبب المرض في تضخم العضلة المائلة للبطن نتيجة المجهود المبذول في الزفير، مما يؤدي إلى ظهور “خط الانتفاخ” المميز.
تختلف درجة تأثر الخيول بجراثيم العفن، فبعضها حساس جدًا، وبعضها الآخر يتأثر بدرجة بسيطة. ومن أبرز طرق الوقاية للحد من التعرض لغبار العفن:
وبالرغم من أن معظم أنواع العفن لا تنتج سمومًا فطرية، إلا أن وجود العفن يشير إلى احتمالية وجود هذه السموم، لذا يجب مراقبة الخيول التي تتغذى على تبن متعفن بعناية لاكتشاف أية أعراض مرضية في وقت مبكر.
عدد جراثيم العفن في كل جرام من التبن يعبر عن مستوى الخطر أثناء التغذية، فإذا كان العدد أقل من 500,000، فإن الخطر منخفض نسبيًا، وإذا كان العدد يتراوح بين نصف مليون إلى مليون، فالتبن يعتبر آمنًا نسبيًا. أما إذا تراوح العدد بين مليون إلى مليونين، فيجب إطعام الخيول بحذر، وإذا كان العدد من مليونين إلى ثلاثة ملايين، ينبغي مراقبة صحة وأداء الحيوانات عن كثب. وعندما يكون العدد بين ثلاثة إلى خمسة ملايين، يُفضل تخفيف التبن مع أعلاف أخرى، وإذا تجاوز العدد خمسة ملايين، يجب التوقف عن التغذية بهذا التبن نهائيًا. تجدر الإشارة إلى أن هذه التوصيات تتعلق بتأثير العفن فقط دون الأخذ بعين الاعتبار وجود السموم الفطرية، كما أن الغبار الناتج عن العفن قد يقلل من استهلاك الخيول للعلف
أما عن السموم الفطرية (الميكوتوكسينات)، فهي مواد خطيرة قد تنتج عن العفن والبكتيريا في حال ارتفاع رطوبة التبن. وهذه السموم تشكل تهديدًا خطيرًا لصحة الخيول والماشية الأخرى. بعض المختبرات تقدم اختبارات خاصة للكشف عن وجود هذه السموم والعفن، وإذا كان التبن ملوثًا، يجب عدم تقديمه كعلف. ورغم قلة الدراسات العلمية التي توثق تأثير السموم الفطرية على الخيول بدقة، إلا أن التجارب الميدانية أثبتت أن لها آثارًا كبيرة مثل المغص، الاضطرابات العصبية، الشلل، الحساسية المفرطة، تلف الدماغ، بالإضافة إلى التأثير التراكمي الذي قد يؤدي إلى تدهور وظائف الأعضاء بمرور الوقت. وتشمل أعراض التسمم الفطري انخفاض الشهية، سوء امتصاص الغذاء، اضطرابات الهضم، الإسهال، ضعف الإنتاج والخصوبة، الإجهاض، الخمول، وزيادة معدل الإصابة بالأمراض، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية على الجهازين العصبي والمناعي وتلف الأنسجة.
أما عن حمض البروبيونيك، فهو مادة تستخدم لحفظ التبن، حيث تضاف لمنع نمو البكتيريا والعفن خصوصًا في التبن غير المجفف جيدًا. يحتوي التبن المعالج عادةً على أحماض طبيعية مثل حمض البروبيونيك وحمض الأسيتيك، وهي أحماض توجد أصلاً في جهاز الخيل الهضمي. وقد أثبتت الدراسات أن استخدام هذه الأحماض يساعد على تقليل حرارة التبن أثناء التخزين ومنع العفن دون التأثير سلبًا على صحة الخيول. فقد أظهرت دراسة في جامعة إلينوي أن الخيول التي تناولت تبنًا معالجًا بهذه الأحماض لم تختلف في وزنها أو حالتها الصحية عن الخيول التي تناولت تبنًا غير معالج. وأظهرت دراسة أخرى من جامعة كورنيل أن الخيول، بعد فترة قصيرة من التعود، تناولت التبن المعالج بالحامض بشكل طبيعي.
مع ذلك، يجب الانتباه عند تخزين التبن في مستويات رطوبة عالية جدًا، حتى مع استخدام حمض البروبيونيك، إذ يجب ترك التبن ليجف عدة أسابيع حتى تتبدد بقايا الحمض. كما يجب عدم وضع التبن عالي الرطوبة بجانب التبن الجاف لتجنب انتقال الرطوبة وتعفن التبن السليم. وقد سُجلت بعض حالات المغص عند إطعام الخيول تبنًا عالي الرطوبة غنيًا بالحمض، خاصة في البالات الكبيرة.
وأخيرًا، يمكن التأكد من سلامة التبن عبر إرسال عينات إلى المختبرات المختصة لتحليل القيمة الغذائية، بالإضافة إلى الكشف عن وجود العفن والسموم الفطرية، لضمان تقديم علف آمن وصحي للخيول.
تابعونا على الانستجرام أضغط هنا
للمزيد من المقالات أضغط هنا